الثلاثاء، 10 أبريل 2018

كتابي كتابك..امنح غيرك حقّ المعرفة هناء الرملي

كتابي كتابك..امنح غيرك حقّ المعرفة
سهى أبو شقرا
مبادرة "كتابي كتابك"، الفريدة من نوعها في وطننا العربي، ليست مجرد وسيط لإعادة توزيع الكتب للأفراد، وإنّما تساهم في إنشاء المكتبات العامة، وتقوم بمشاريع وأنشطة تفعِّل المكتبات.

وخلال لقاء مؤسسة المشروع والخبيرة في مجال ثقافة الإنترنت للأسرة والطفل، هناء الرملي، علمت "العربي الجديد" أنّ مبادرتها "لا ميزانية مادية لها، ولا تتلقى التبرعات المادية، وإنّما فقط تبرعات الكتب التي يقدّمها الناس ودور النشر والمكتبات والمدارس.

كما يتم التنسيق مع الجمعيات الناشطة في القرى والبادية ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين، التي توفر قاعات في مقراتها لجعلها مكتبات تخدم المجتمعات المحلية. كما تعمل المبادرة تحت شعار "حق المعرفة حق مقدس للجميع"، لكي تحقق التكافؤ بين مَن يمتلك ثمن الكتاب ومن لا يمتلك ثمنه".

ونالت المبادرة الترخيص كجمعية ثقافية تابعة لوزارة الثقافة الأردنية. وعن ميّزات هذه الخطوة، قالت الرملي: "أن نكون جمعية ثقافية، هذا يعني المزيد من التسهيلات، منها سهولة الحصول على خدمات لوجستية من العديد من الجهات، مثل توفير الأماكن والخدمات المناسبة في فعالياتنا الثقافية وأنشطتنا. كذلك يصبح أمر الحصول على دعم مادي للجمعية، أمر مصرح به قانونياً، كما هو حال جميع الجمعيات المرخصة في المملكة الأردنية".

وعن انتشار مبادرة "كتابي كتابك" خارج الأردن، أوضحت أنّه "منذ إطلاق المبادرة في منتصف العام 2009 عبر الفايسبوك، وبدء تطبيقها في الأردن، نالت إعجاب العديد من أصدقائي في الدول العربية، وفعلاً قمت بتأسيس مجموعات على الفايسبوك لكل بلد عربي، ودعوتهم لكي يلتقوا ويتفقوا على آلية عمل تناسب طبيعة بلدانهم واحتياجاتهم".

وأكدت الرملي وجود أكثر من فريق دعم في دول الخليج "يمدوننا بالكتب من خلال مشاركاتهم في معارض الكتب الدولية في مدنهم. ونحن نعلن بشكل دائم عن هذا الدعم والذي ساعدنا في تأسيس الكثير من المكتبات. أما بالنسبة لتأسيس المكتبات في الدول العربية، فهي تجد تغطية إعلامية في دول مثل اليمن والمغرب والجزائر وغيرها".وأشارت إلى إقبال المتطوعين على فعاليات المبادرة، نتيجة الثقة والمصداقية التي حازت عليها الجمعية والمبادرة على مرّ أكثر من خمس سنوات من العمل المتواصل والإنجازات على أرض الواقع.

قصص تُحكى عن فوائد التبرّع بالكتب
"الفوائد الحقيقية للمبادرة، منها فوائد بعيدة المدى وأخرى قريبة "، هذا ما قالته المهندسة الرملي، وأضافت: "قد أروي القصص من واقع "كتابي كتابك"، تفوق في دلالاتها الأرقام، مثل عدد الكتب التي تلقيناها وعدد المتطوعين العاملين معنا وعدد المكتبات التي أقمناها. فعلى سبيل المثال، تمت دعوتي في العام 2010 من قبل إدارة معرض صفاقس الدولي لأدب الطفل في تونس، ووفروا جناحاً خاصاً للمبادرة. فأنشأت فريقاً من أصدقائي التونسيين والفلسطينيين المقيمين في تونس، ومعظمهم من الأدباء، مثل الكاتب الفلسطيني طلال حماد، والكاتبة التونسية بديعة بوليله، إضافة إلى طلاب جامعيين، تتطوعوا في جناح المبادرة، وجمعوا ما يقرب من 10 آلاف كتاب خلال فترة المعرض".

وتتابع: "حين قامت الثورة في ليبيا ولجأ عدد كبير من الليبيين إلى مخيم اللجوء في صحراء تونس، أرسل لي الفنان والأكاديمي التونسي عبد الرؤوف كراي يسألني عن إمكانية إنشاء مكتبة للأطفال في المخيم، وفعلا تمّ التنسيق مع الفريق الذي أشرف عليه الطالب الفلسطيني الغزاوي محمد أبو ناصر، وقاموا بنقل الكتب إلى المخيم، وأنشأوا مكتبة فيه، وأقاموا فعاليات للأطفال لتشجيعهم على القراءة". ولفتت الرملي إلى تلقي مجموعات قيّمة وكبيرة من الكتب، كتبرعات من دور نشر ومن أجنحة وزارات الثقافة العربية، خلال مشاركتها بمعارض الكتاب الدولية، سواء في عمان أو في الدول العربية.

نادٍ للقراء ومناقشات وتقييم
وعن نادي القراءة، الذي أسسته في العام 2010، قالت: "كان اسم النادي، نادي القراءة ـ كتابي كتابك، لكننا غيّرنا تسميته في العام 2013 إلى "نادي 13 تحت الشمس"، لاعتمادنا يوم 13 من كل شهر يوم لقاء أعضاء النادي، وكون رقم 13 يحمل دلالات التشاؤم، فرغبنا بأن نقلب هذا المفهوم". وأشارت صاحبة المبادرة إلى "مناقشة ما يزيد عن 45 كتاباً حتى الآن، واستضفنا الكثير من الأدباء المحليين والعرب، كما استخدمنا "سكايب" و"هانغ آوت" للقاء أعضاء النادي خارج الأردن وتشاركنا الحوار معهم، وستكون لنا لقاءات مع الأدباء في الفترة المقبلة أيضاً".

ولمست الرملي أن من نتائج مبادرتها الإيجابية تشجيع الناس على القراءة الالكترونية، وقالت: "عندما نعلن عن كتاب معيّن، نجد أن أصدقاء لنا في الخارج يشاركوننا القراءة ويحمّلون الكتب بنسخ pdf، ويكتبون اقتباساتهم وتقييمهم للكتاب، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومواقع تقييم الكتب، مثل موقع "غود ريدز" أو موقع "أبجد"".

أصداء عالمية وجوائز
وتتحدث بشغف عن تجربتها، وتقول: "تم توثيق تجربتنا في السويد، حين تم اختيار مبادرة كتابي كتابك كأفضل مبادرة ملهمة على مستوى العالم، تهدف إلى التشجيع على القراءة. وألقيت مجموعة من المحاضرات عن المبادرة في معرض غوتنبرغ الدولي للكتاب. والدعوة والترشيح كانا من مؤسسة إنقاذ الطفل السويدية ومؤسسة دياكونيا وإدارة معرض غوتنبرج الدولي للكتاب. وقد تسلّمت جائزة تقديرية ولقب مغيّرة الحياة".

وعن إمكانية التفاؤل باستمرار التجربة المتميّزة وسط مشاعر الإحباط العامة، قالت: "التفاؤل في هذا الزمن كالقبض على الجمر، وتفاؤلنا نستمده من إيماننا بأن المعرفة هي أساس نهوض مجتمعاتنا. ومبادرة كتابي كتابك كمَن ينثر بذور القمح في الجبال والوديان والقرى والبادية والمخيمات، على أمل أن تنبت هنا شجرة وهناك بستان، وتخضرّ الأرض وتزهر بالمعرفة".

'نادي 13 تحت الشمس' يناقش 'فستق عبيد' سميحة خريس

'نادي 13 تحت الشمس' يناقش 'فستق عبيد'


سميحة خريس: كتابتي لهذه الرواية كان بتخطيط ووعي وليس اندفاعا بقدر ما كان تأثرا عاطفيا.


ميدل ايست أونلاين

الرواية تستحق أن تصل إلى كل قاريء سوداني وعربي

عمّان ـ استضاف نادي القراءة "13 تحت الشمس" التابع لجمعية "كتابي كتابك لثقافة الطفل والأسرة" مؤخرا الروائية الأردنية المبدعة سميحة خريس لمناقشة رواية "فستق عبيد"، في مركز كيمستي في عمان الأردن.

افتتحت اللقاء المهندسة هناء الرملي رئيسة الجمعية بعبارة لخريس جاء فيها:

"حاولت أن أنادي في تلك البرية الشاسعة التي يبتلعها الصمت. حاولت أن أشير بإصبعي إلى بؤرة من الوجع والظلم، أن أنقل صوتاً يئن في مكان يبدو بعيداً، فأقربه لأسماعكم وأنبه إلى الخطر الكامن وراء اللامبالاة والتواطؤ. كما لم أتعمد كشف قناع الغرب وإبراز وجهه البشع قدر ما حاولت رفع الأقنعة عن الوجوه في الغرب والشرق معاً. لدى المنظمات التي تلبس رداء الإنسانية. أو لدى الإخوة الذين يبيعون دم إخوتهم".

ثم تابعت بكلمة ترحيب وشكر الكاتبة سميحة خريس لقبولها الدعوة لحضور نقاش روايتها الأخيرة "فستق عبيد" والتي حازت على جازة كتارا للإبداع الأدبي 2017، وهذه هي المرة الثانية التي يستضيف بها نادي 13 تحت الشمس الكاتبة خريس حيث تم مناقشة رواية "بابنوس" بحضورها منذ سنوات، ثم قدمت الرملي تعريفا بالسيرة الذاتية والمسيرة الإبداعية لخريس، وما حققت من إنجازات على صعيد الحركة الأدبية والإعلامية الثقافية في الأردن.

افتتحت الحوار مشرفة النادي المهندسة زين مبارك حيث استعرضت أشكال العبودية المختلفة كما تناولتها الرواية:

- العبودية كما في حالة كامونقة؛ هل يحتاج الإنسان لأن يشعر بحريته مهما كانت ظروف حياته جيدة (كامونقة كان يحب سيده)؟

- عبودية الفكرة كيف تم استغلال الدين كما في ثورة المهدي لكسب العبيد الى صفوف المجاهدين مقابل حريتهم. كيف يصبح الإنسان عبدا لفكرة (الجهاد) وهو لا يعرف عنها شيئا؟

- العبودية كما في رحمة؛ أن تقف في المنتصف، بين الأسياد والعبيد وتفقد هويتك، أن تتفكك ذاتك تدريجياً وتفقد كيانك، كيف تمثل رحمة النفس البشرية في كل المواقع؟ .

- عبودية الطبقات؛ رأيناها في شخصية سارماغو التاجر الذي يمارس سيادته على رحمة وعبيده ثم يدخل بيته مطأطأ الرأس أمام زوجته النبيلة ابنة الكونت وهو ابن آمر المزرعة.

- عبودية المادة؛ معنى أن يتخلى الانسان عن ابنه/ابنته مقابل السعي وراء الثروة والمادة.

- عبودية أن لا تكون نفسك، وأن تتصنع شخصا آخر لا يشبهك كما في سانشو الشخص الذي اكتشف ذاته في الجزيرة البعيدة عندما تحرر من كل الشخصيات التي كانت تقيده.

- موقف الأديان من العبودية وكشف زيف الحضارة الأوروبية، ومسؤولية الغرب تجاه الدول التي يستحلب ثرواتها ويستعبد إنسانها.

- ما هي الوسائل الدفاعية التي يمكن بها محاربة العبودية (المقاومه، النسيان، الإيمان، تحرر القلب، الاندماج مع الطبيعة، التأقلم).

ثم بدأت الروائية خريس حديثها حول قرارها في كتابة هذه الرواية والظروف التي أحاطت بها قائلة:

"كتابتي لهذه الرواية كان بتخطيط ووعي وليس اندفاعا بقدر ما كان تأثرا عاطفيا، حيث بدأ التأثر العاطفي عندما بدأت برواية يحيى، عندما كنت أبحث عن وقائع تاريخية في القاهرة حدثت، فوجدت وصفا دقيقا لسوق العبيد الذي يقع الآن في سوق "خان الخليلي" مما استفزني للغاية أن هذا الأمر قد مر بالتاريخ وتم الصمت عنه، لكن هذا الأمر أيقظ في ذهني الكثير من المعلومات والأفكار التي تعرضت لها أثناء إقامتي في السودان. وأن العبودية أمر لا يتعلق بالسودان بل كانت أفريقيا مسرحا لهذه الحالة.
       
       
       

وبحكم دراستي المتخصصة بعلم الاجتماع والانثربيولوجيا، قرأت كثيرا عن تجارة الرق، وكنت أتساءل لما لم يعالج الكتاب السودانيين مثل الروائي الكبير الطيب صالح وبقية الروائيين العرب موضوع العبودية في أدبهم؟

الآن هناك من يكتبون حول موضوع الرق ويعيدون صياغته ومحاكمته، مؤخرا العديد من الكتاب العرب مثل كاتبة ليبية نجوى بن شتوان أصدرت رواية "زرايب العبيد"، كذلك الروائي المصري محمد منسي قنديل رواية "كتيبة سوداء".

كان في ذهني البدء بالرواية التي تحكي هذا التاريخ المتعانق مع الثورة المهدية، حيث لم أجد رواية تعالج هذه الفترة.

القبض على جمعية خيرية دولية فرنسية بتهمة سرقة الأطفال ومحاولة تهريبهم من خلال تشاد إلى فرنسا وتم القبض عليهم في باريس. وكانت تجارة الرق تحت ستار التبني. قد يكون تجارة الرق بهدف تجارة الدعارة وتجارة الأعضاء وغيرها، الغريب في الموضوع أثناء عملي في كتابة رواية بابنوس، كانت شواهد وأحداث كثيرة حاضرة، وكنت أتسائل: هل أهرب من الكتابة عن الواقع الحالي العربي الملتصق بنا، لأكتب تاريخا انتهى حول تجارة الرق، لكن ثبت لي أن هذا الأمر لم ينته، هناك تقارير عن شباب يخرجون من أفريقيا للتوجه إلى إسرائيل، ثم يتم قتلهم وبيع أعضائهم، سوق العبيد الذي تم اكتشافه بليبيا مؤخرا دون خجل مما توصلت له الإنسانية وحقوق الإنسان.

أقدم رواية "جذور" و"كوخ العم توم" لم أتساءل في ذلك الزمن عندما كنت صغيرة، حيث كنت أعتقد أن هؤلاء من أميركا وأن القضية أميركية، لكنه في الواقع أن من سرقوا هم من أفريقيا ومن مجتمعاتنا الأقرب لنا."

د. أميمة رواشدة عضو نادي الكتب قالت: "الرواية طافحة بالمرارات التي تطيح بالهوية الإنسانية واستلاب الكينونة الإنسانية، هذه المرارة ذكرتني برواية (المعذبون في الأرض) لطه حسين، واعتقد أنه لا يوجد أكثر من هكذا ظلم في الحياة، لكن تبين لي أن الرواية لا تلهث وراء سرد الأحداث كما يفعل المعاصرون في الوقت الحاضر، استعانت على تقنية تعدد الأصوات، التي ساعدتها في تقديم كل حدث وموقف من خلال وعي الذات، كل بطل من أبطال الرواية قدم من خلال كاميرا داخلية الحدث من وحي ذاته، ووعيه الذاتي قدم الموقف ناطقا.

ذكرني أسلوب خريس في الرواية، بأسلوب ديستوفسكي حيث إن كل أبطاله مهمشون ومسحوقون، وكأني أقرا ديستوفسكي لكن بلغتنا الأجمل.

لغة الرواية تصهل بأنين آسر، تومض بألق شجي، توقظ مشاعر الروعة والجمال، إنها وظيفة الأدب التي قال عنها أرسطو وهي التطهير".

كاتب صحفي أحييكم نيابة عن السودان ونيابة عن مزارعي الفول السوداني، توقفت عند اسم "فستق عبيد" وحساسية هذا الاسم، وتبع ذلك رأيه بأسماء أبطال الرواية.

وقال من محاسن الصدف أن التقي بالاستاذة سميحة، والرواية تستحق أن تصل إلى كل قاريء سوداني وعربي وتستحق الترجمة ليقرأها الغرب.

كلمة "فستق عبيد" التي كنا نتداولها ونحن أطفال دون أن نفكر أن الاسم مرتبط بحالة العبودية. كنت أدرك أن هذا المسمى مستفز في السودان، أريد أن أجرح الذاكرة، أن أذكر بشيء فادح حدث في السودان أوقع فيه الكثير من الناس، وشارك به شرق وغرب ومن الداخل، وكان القائمون على تجارة الرق هم اليهود الجزائريين.