سهى أبو شقرا
مبادرة "كتابي كتابك"، الفريدة من نوعها في وطننا العربي، ليست مجرد وسيط لإعادة توزيع الكتب للأفراد، وإنّما تساهم في إنشاء المكتبات العامة، وتقوم بمشاريع وأنشطة تفعِّل المكتبات.
وخلال لقاء مؤسسة المشروع والخبيرة في مجال ثقافة الإنترنت للأسرة والطفل، هناء الرملي، علمت "العربي الجديد" أنّ مبادرتها "لا ميزانية مادية لها، ولا تتلقى التبرعات المادية، وإنّما فقط تبرعات الكتب التي يقدّمها الناس ودور النشر والمكتبات والمدارس.
كما يتم التنسيق مع الجمعيات الناشطة في القرى والبادية ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين، التي توفر قاعات في مقراتها لجعلها مكتبات تخدم المجتمعات المحلية. كما تعمل المبادرة تحت شعار "حق المعرفة حق مقدس للجميع"، لكي تحقق التكافؤ بين مَن يمتلك ثمن الكتاب ومن لا يمتلك ثمنه".
ونالت المبادرة الترخيص كجمعية ثقافية تابعة لوزارة الثقافة الأردنية. وعن ميّزات هذه الخطوة، قالت الرملي: "أن نكون جمعية ثقافية، هذا يعني المزيد من التسهيلات، منها سهولة الحصول على خدمات لوجستية من العديد من الجهات، مثل توفير الأماكن والخدمات المناسبة في فعالياتنا الثقافية وأنشطتنا. كذلك يصبح أمر الحصول على دعم مادي للجمعية، أمر مصرح به قانونياً، كما هو حال جميع الجمعيات المرخصة في المملكة الأردنية".
وعن انتشار مبادرة "كتابي كتابك" خارج الأردن، أوضحت أنّه "منذ إطلاق المبادرة في منتصف العام 2009 عبر الفايسبوك، وبدء تطبيقها في الأردن، نالت إعجاب العديد من أصدقائي في الدول العربية، وفعلاً قمت بتأسيس مجموعات على الفايسبوك لكل بلد عربي، ودعوتهم لكي يلتقوا ويتفقوا على آلية عمل تناسب طبيعة بلدانهم واحتياجاتهم".
وأكدت الرملي وجود أكثر من فريق دعم في دول الخليج "يمدوننا بالكتب من خلال مشاركاتهم في معارض الكتب الدولية في مدنهم. ونحن نعلن بشكل دائم عن هذا الدعم والذي ساعدنا في تأسيس الكثير من المكتبات. أما بالنسبة لتأسيس المكتبات في الدول العربية، فهي تجد تغطية إعلامية في دول مثل اليمن والمغرب والجزائر وغيرها".وأشارت إلى إقبال المتطوعين على فعاليات المبادرة، نتيجة الثقة والمصداقية التي حازت عليها الجمعية والمبادرة على مرّ أكثر من خمس سنوات من العمل المتواصل والإنجازات على أرض الواقع.
قصص تُحكى عن فوائد التبرّع بالكتب
"الفوائد الحقيقية للمبادرة، منها فوائد بعيدة المدى وأخرى قريبة "، هذا ما قالته المهندسة الرملي، وأضافت: "قد أروي القصص من واقع "كتابي كتابك"، تفوق في دلالاتها الأرقام، مثل عدد الكتب التي تلقيناها وعدد المتطوعين العاملين معنا وعدد المكتبات التي أقمناها. فعلى سبيل المثال، تمت دعوتي في العام 2010 من قبل إدارة معرض صفاقس الدولي لأدب الطفل في تونس، ووفروا جناحاً خاصاً للمبادرة. فأنشأت فريقاً من أصدقائي التونسيين والفلسطينيين المقيمين في تونس، ومعظمهم من الأدباء، مثل الكاتب الفلسطيني طلال حماد، والكاتبة التونسية بديعة بوليله، إضافة إلى طلاب جامعيين، تتطوعوا في جناح المبادرة، وجمعوا ما يقرب من 10 آلاف كتاب خلال فترة المعرض".
وتتابع: "حين قامت الثورة في ليبيا ولجأ عدد كبير من الليبيين إلى مخيم اللجوء في صحراء تونس، أرسل لي الفنان والأكاديمي التونسي عبد الرؤوف كراي يسألني عن إمكانية إنشاء مكتبة للأطفال في المخيم، وفعلا تمّ التنسيق مع الفريق الذي أشرف عليه الطالب الفلسطيني الغزاوي محمد أبو ناصر، وقاموا بنقل الكتب إلى المخيم، وأنشأوا مكتبة فيه، وأقاموا فعاليات للأطفال لتشجيعهم على القراءة". ولفتت الرملي إلى تلقي مجموعات قيّمة وكبيرة من الكتب، كتبرعات من دور نشر ومن أجنحة وزارات الثقافة العربية، خلال مشاركتها بمعارض الكتاب الدولية، سواء في عمان أو في الدول العربية.
نادٍ للقراء ومناقشات وتقييم
وعن نادي القراءة، الذي أسسته في العام 2010، قالت: "كان اسم النادي، نادي القراءة ـ كتابي كتابك، لكننا غيّرنا تسميته في العام 2013 إلى "نادي 13 تحت الشمس"، لاعتمادنا يوم 13 من كل شهر يوم لقاء أعضاء النادي، وكون رقم 13 يحمل دلالات التشاؤم، فرغبنا بأن نقلب هذا المفهوم". وأشارت صاحبة المبادرة إلى "مناقشة ما يزيد عن 45 كتاباً حتى الآن، واستضفنا الكثير من الأدباء المحليين والعرب، كما استخدمنا "سكايب" و"هانغ آوت" للقاء أعضاء النادي خارج الأردن وتشاركنا الحوار معهم، وستكون لنا لقاءات مع الأدباء في الفترة المقبلة أيضاً".
ولمست الرملي أن من نتائج مبادرتها الإيجابية تشجيع الناس على القراءة الالكترونية، وقالت: "عندما نعلن عن كتاب معيّن، نجد أن أصدقاء لنا في الخارج يشاركوننا القراءة ويحمّلون الكتب بنسخ pdf، ويكتبون اقتباساتهم وتقييمهم للكتاب، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومواقع تقييم الكتب، مثل موقع "غود ريدز" أو موقع "أبجد"".
أصداء عالمية وجوائز
وتتحدث بشغف عن تجربتها، وتقول: "تم توثيق تجربتنا في السويد، حين تم اختيار مبادرة كتابي كتابك كأفضل مبادرة ملهمة على مستوى العالم، تهدف إلى التشجيع على القراءة. وألقيت مجموعة من المحاضرات عن المبادرة في معرض غوتنبرغ الدولي للكتاب. والدعوة والترشيح كانا من مؤسسة إنقاذ الطفل السويدية ومؤسسة دياكونيا وإدارة معرض غوتنبرج الدولي للكتاب. وقد تسلّمت جائزة تقديرية ولقب مغيّرة الحياة".
وعن إمكانية التفاؤل باستمرار التجربة المتميّزة وسط مشاعر الإحباط العامة، قالت: "التفاؤل في هذا الزمن كالقبض على الجمر، وتفاؤلنا نستمده من إيماننا بأن المعرفة هي أساس نهوض مجتمعاتنا. ومبادرة كتابي كتابك كمَن ينثر بذور القمح في الجبال والوديان والقرى والبادية والمخيمات، على أمل أن تنبت هنا شجرة وهناك بستان، وتخضرّ الأرض وتزهر بالمعرفة".